الاثنين، 27 يونيو 2011

لوحة سريالية

علاقة النفس بالجسد علاقة وثيقة عندما يتأثر أحدهما يؤثر على الأخر بدرجة قد تفوق كل التصورات ، فالطب الحديث أثبت وجود علاقة قوية بين المشاعر السلبية كالكره والغضب والحزن وتطوير بعض أمراض المناعة الذاتية أو ظهور خلايا غير طبيعية أو افراز الجسم لمواد تسبب التهابات أو ظهور بعض أمراض القلب أوالضغط أوالسكر، فالحالة النفسية تؤثر بشكل مباشر على مناعة الجسم وقدرته على مقاومة الأمراض وهذا ما يدرسه أحد فروع الطب الحديث المعروف ب psycho-neuro-immunology ومن الغريب أن يكون أول من تحدث عن الرابط بين ألام النفس والجسد هم الأطباء العرب أمثال ابن سينا والرازي فهل سار العرب على نهج الأوائل في الإهتمام بالصحة النفسية وهل واقعنا العربي قادر على انتاج أجيال تتمتع بالصحة النفسية والعقلية؟ 
بالنظر لحالة الركود الطويلة التي مرت بها المجتمعات العربية والتي غلب فيها اليأس والشعور بالضياع وفقدان الأمل في مستقبل أفضل ، هذه المشاعر العامة التي ترجمت في صورة أمراض جسدية كالصداع والشعور بالإرهاق والكثير من الأمراض التي اجتاحت أجساد شباب صغير السن أو أمراض اجتماعية كالشك والعصبية والتعصب أو في صورة لامبالاة قد تصل بالبعض لإهمال دراسته وحياته وحتى اللجوء لمغيبات العقل على أختلافها وتنوعها. كان الجميع يعيش حالة من الإحباط ، فقد الناس القدرة على الإستمتاع بالحياة والحافز على العمل من أجل الغد، وحتى عندما لاحت في الأفاق بادرة أمل تعالت الأمواج من كل حدب وصوب لإطفائها أو اختطافها ، وأصبحت الأمور معقدة وغامضة بشكل يستعصي على الفهم ، أصبح من العسير علينا جميعا أن نتبين في وسط هذا الصخب الجنوني الأصوات العاقلة أو الصادقة أو المخلصة ، فالكل يدعي أنه وفريقه قد أحتكروا الحكمة والوطنية وأن سبيلهم وحده هو السبيل القويم وغيرهم من التيارات سيلقي بنا حتما الى التهلكة ، كيف يمكنك أن تفهم أو تحكم على من يؤكد أنتمائه للشعب وتأييده لحق المواطنين عندما تجده يعامل البسطاء والأبرياء بمنتهى الوحشية بينما يسرف في تدليل وحماية الفاسدين وناهبي المال العام ، كيف تصدق من يقسم لك على وطنيته ونواياه الإصلاحية بينما تنشر له يوميا وثائق وتسجيلات تثبت ضلوعه في قضايا فساد وموالاته الكاملة للفاسدين ، بل كيف تصدق من يتحدث باسم الدين بينما ينطق بأشياء تخالف صراحة نصوص دينية معروفة للجميع إرضاء لهذا أو ذاك!
الصورة أصبحت سريالية تحتاج لمن يفك طلاسمها ، لا يوجد خطوط واضحة أو معالم يمكن الإعتماد عليها للوصول إلى الهدف ومشاعر الغضب والإحباط والضياع مازالت هي الغالبة، مازال الغد مبهم ويثير الخوف والقلق فهل من سبيل للخروج من الدائرة المغلقة!

هناك تعليقان (2):

  1. تحياتي حنان:
    مقال رائع...
    ا تمنى ان تتجاوزي الشعور السلبي بسبب اخطاء الموقع.. لا تدعي شئ مثل هذا يؤثر سلبيا عليك..فأنت كبيره بعلمك و معرفتك و بأفكارك و بأخلاقك...
    تحياتي اليك:

    http://ejabat.google.com/ejabat/thread?tid=08b43a1f8dff99d5&table=%2Fejabat%2Fuser%3Fuserid%3D15401802160832788201%26tab%3Dwtmtoa

    ردحذف
  2. أشكرك يا عزيزي

    وأصدقائي الذين أهتم لأمرهم والذين سعدت بمعرفتهم من اجابات يمكنني أن أجدهم ويجدوني خارجه

    أسعدني جدا سؤالك
    وأتمنى لك كل توفيق وسعادة

    ردحذف