السبت، 2 يوليو 2011

سلسلة العنف

أصبح استخدام العنف مشكلة حقيقية تواجه مجتمعاتنا وتهددها بشكل صارخ وأصبح ضحايا العنف على اختلاف اشكاله وأسبابه يمثلون ملايين البشر فلا يوجد مصدر خطر يهدد البشرية بمقدار ما يمثل العنف من تهديد لكافة الأعمار وحتى للأجنة في بطون امهاتهم وبنظرة سريعة على القنوات الإخبارية يمكن قياس مدى ما وصلت إليه حالات العنف حول العالم من تفاقم فخلال عشرة دقائق يمكنك حصر العديد من ضحايا الإنفجارات والصراعات المسلحة والحوادث وضحايا الرأي .
عندما يتعرض الإنسان في سن صغيرة للعنف سواء على مستوى أسرته أو مجتمعه ينشأ مشوش الفكر وتختل عنده القيم والمفاهيم لا يمكنه التعبير عن ذاته ورغباته بشكل صحي وقد يتحول اما الى انسان انطوائي منعزل يشعر دائماً بالتهديد والرعب مما يحيط به من مؤثرات أو يسلك سلوك عنيف معادي للمجتمع، ولا ينكر أحد دور ما تقدمه الأعمال الفنية والسينمائية العنيفة في نشأة الأطفال على أعتياد مشاهد العنف وتشكيل مفاهيمهم بما يكرس ثقافة استخدام القوة بدلا من العقل لفرض سيطرتهم واثبات ذواتهم، يضاف لذلك ما يشاهده الأطفال ويعيشونه من سلوك الوالدين والمحيطين وخاصة في المجتمعات التي ينتشر فيها ضرب الزوج لزوجته وفقدان الإحترام المتبادل بينهما أو توجيه العنف والتمييز ضد الأطفال أنفسهم بما يصنع من الأسرة كيان مفكك ينتج للمجتمع أشخاص غير أسوياء نفسيا يعيدون الكرٌة عند إنشاء أسر جديدة.
لا يختلف الحال كثيرا في المدارس وبالرغم من إصدار العديد من القوانين التي تجرم الضرب ، فالكثير من التلاميذ وبعض الأساتذة تعرضوا لإصابات خطيرة أو حتى فقدوا حياتهم نتيجة استخدام العنف حيث لا يمكن أبدا تحقيق رقابة كاملة وشاملة على الجميع ما لم تتغير المفاهيم والأفكار ومناهج الحياة. 

فإذا أضفنا إلى ذلك وجود قصور وتراخي وتباطؤ في تنفيذ القوانين وفرض الأمن وعجز الإنسان عن نيل حقوقه بشكل شرعي ستتولد لدينا مزيد من طاقات العنف والإنحرافات ، فإذا لم تحمي القوانين العامل سيجد من يستغله ويسيئ أستخدام السلطة والنفوذ والمال فيولد ذلك لديه رد فعل عكسي حيث تعتمل بداخله مشاعر الغضب والإحباط والظلم والتي قد تدفعه لإرتكاب أعمال عنيفة للثأر لنفسه وتهدأة غضبه وكذلك الحال في جميع مناحي الحياة التي يتواجد فيها احتكاك يومي بين البشر.

ولا يختلف الأمر كثيرا على مستوى الشعوب والحكومات فاستخدام القمع والعنف المفرط لفرض حالة من الرضوخ للظلم تولد لدى الشعوب حالة من الغضب الشديد ويصبح الأمر ثأر لا ينطفئ وقد يدفعهم ذلك لإستخدام العنف المضاد كرد فعل طبيعي على الممارسات القمعية. 

إذا كان هناك إصرار على حماية الفساد والمفسدين وإضاعة حقوق الضحايا وقهر كل من يطالب بإحقاق العدل والتطهير والإصلاح فهذا حافز لأصحاب الحقوق لإستبدال المقاومة السلمية بمقاومة عنيفة طالما أن المطالبات السلمية لم تجدي نفعا.
فهل وعت الحكومات الدرس أم أن الأمر يحتاج للمزيد من الضحايا والخسائر ليفهم من أسكرتهم السلطة والسطوة أن العنف لن يولد غير العنف!

وأتأمل في عبارات غاندي 


"أنا أُقرٌ بوجود الطاقة التدميرية، لكنها زائلة وعقيمة دوما  أمام الإبداعي الذي هو الدائم، فإذا كان للطاقة التدميرية اليد الطولى ، فستنهش كل الروابط المقدسة ، الحب بين الأبوين والطفل ، الأخ والأخت ، السيد والتابع ، الحاكم والمحكوم".

و

"عندما أشعر باليأس ، أتذكر أنه على مدى التاريخ دائماً ما ربح طريق الحق والحب. كان هناك طغاة وقتلة ولفترة من الزمن كان يبدو أنهم لا يقهرون ، لكن في النهاية دائما ما يسقطون ..... فكر في ذلك دائماً".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق