السبت، 30 يوليو 2011

خطوط حمراء

الميلاد ، أول ثورة يعرفها الإنسان حين يكتمل تكوينه ويصبح كائن قادر على خوض غمار الحياة ، يولد الانسان من الألم ويعبر أول الخطوط الحمراء بين ظلام الرحم وسكونه وضيقه وبين العالم الفسيح بضيائه وضوضائه ، حيث لا مجال للعودة ولا توجد قوة قادرة على ابقاءه أو اعادته ، وبمرور الأيام يجد الإنسان نفسه في كل مرحلة بحاجة ماسة لعبور المزيد من الخطوط الحمراء التي فرضتها عليه قدراته أو فرضها عليه الكبار وأصحاب السلطة في حياته ، ومع كل عبور تتطور شخصيته وتنفتح على المزيد من الاحتمالات والخيارات قد تكون خيارات سليمة فيها خيره وقد تكون خيارات خاطئة فيها معاناته ، ولكن في النهاية لا يكون هناك مجال للعودة بعد عبور الخطوط الحمراء .
وكذلك الثورة ميلاد جديد اكتسح فيها الشعب كل الحواجز وعبر الخطوط الحمراء والتي ظلت تُنسج حوله لسنوات طويلة وتضيق عليه الخناق وتكبله في كل يوم بالمزيد من الأغلال وتمنع نموه وتحجب عنه نور الحياة ، في لحظة أكتمل نمو هذا الكائن وضاقت عليه زنزانته التي وضعه فيها سجانوه ليستولوا هم على ثرواته ومقدراته معتقدين ان الخوف كفيل بابقاءه خلف الحواجز لا يرفع رأسه ولا يجروء على التطلع لما وراء الخطوط الحمراء بعينيه.
لقنوه كل يوم في محبسه: "الديمقراطية" خط أحمر انتم شعب غير مؤهل لتحمل الديمقراطية ، "الشرطة" خط أحمر هم ليسوا هنا لحمايتك ولكن للتأكد من بقائك خلف الأسوار والتنكيل بمن يجروء على رفع عينيه أو فتح فمه ، "عائلة الرئيس" فوق المحاسبة وفوق النقد لا يجوز لك ان تحلم الا بتقبيل اقدامهم ولو سرقوك وأمرضوك وضيعوا مستقبلك ومستقبل الأجيال القادمة ، و "ابن الرئيس" هل تقارن نفسك به ؟ هل جننت ؟ هل تتصور انه بشر مثلك أو أنك ومهما نلت من علم وخبرة وقوة وثقافة يمكنك أن تضاهيه وهو ابن الرئيس ؟ "القضاء" ، "كامب ديفيد" ، "موارد الدولة" ، "رقابة دولية على الانتخابات"........... الى ما لا نهاية له من الخطوط الحمراء .
الأن بعد الميلاد الجديد لا يمكنك أن تُبقي على الخطوط الحمراء وخاصة اذا كان الشعب يعلم ما ورائها ولم يعد ما فيها خافيا عليه، ولم يعد ارهاب استخدام القوة المفرطة يسكته، ولم يعد يكتفي بالطمأنة بعهود ووعود لا تتحقق، ولم يعد تلفيق التهم والتخوين بلا أدلٌة يجدي معه.
لم يبقى الا أن تعترف بأدميته وتعامله كانسان لديه عقل وكرامة وتلتزم معه الشفافية والصدق وتحقق له العدالة المرجوة ، وهو لم يطلب ومنذ اليوم الأول غير ذلك "عيش" "حرية" "كرامة انسانية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق