الأربعاء، 25 يناير 2012

خواطر

بين اليأس والرجاء تقع مساحة واسعة من التاريخ الانساني ونقضي زمنا طويلا من اعمارنا، نتأرجح بين أماني نحلم بالحصول عليها واماكن نهفو للوصول اليها، احلام قد تكون متناهية في البساطة أو بحجم الجبال الرواسي، احلام قد نقضي العمر في تتبعها تدفعنا طاقة من الأمل والرجاء، واخرى يقضي عليها اليأس والضجر.

يتسرب اليأس والاحباط لنفوسنا كمادة لزجة باردة تطرد الضوء من النفوس، تجعل كل شئ لا معنى له ولا أهمية، يتساوى الوجود والغياب، يتساوى الليل والنهار، الأمس والغد، وكأننا في منطقة خارج حدود الزمان والمكان منعزلة عن باقي البشر، شعور يجعل حتى من الحياة والموت سواء.

عندما يطاردك اليأس وتشعر بنفحاته الباردة على وجهك يجب أن تنتبه وتراجع حياتك وتنظر لما بين يديك، ترسم اماني جديدة تستحق ان تحيا من أجلها ، تبحث عن نور الشمس ودفئها وحرارتها لتغمرك ولو كانت غائبة فلتحيا على أمل ان تنقشع عنها الغيوم وتتمكن أشعتها من التسلل اليك لتؤنس وحدتك وتبدد ظلمات نفسك.

الاستسلام يعني النهاية، فمهما كانت الصعوبات ومهما كان عدد اليائسين والمستسلمين حولك، يجب أن تتحلى بإيمانك وعزيمتك، وقد يجعل ذلك منك مصدر الهام لغيرك فكما أن اليأس معدي فالأمل ايضا قد يكون كذلك.

الجمعة، 6 يناير 2012

في سبيل الكرسي

عندما يطول بقاء انسان في السلطة، ويجد نفسه محاطا بجوقة من المنتفعين والمتملقين يزينون له سوء عمله فيراه حسنا، ويمتلك كل وسائل التأثير والقوة من اعلام وجند مسلحين مسخرين لخدمته وحمايته هو ومن سار في ركبه، يكون من المفهوم والمنطقي ما يطرأ على تركيبته النفسية ومبادئه من تغيرات، في حالة كان يملك مبادئ ونفس قويمة من حيث المبتدأ. 

ولكن ما ليس مفهوما بالمرة ويجعلنا نتوقف كثيرا عنده ، أن يصاب بأعراض تغير المبادئ واختلال القيم والأولويات أشخاص مشهود لهم بالصلاح قضوا عمرهم في كفاح مستميت ضد الظلم وعانوا من التسلط والقهر لعقود، لمجرد أن لاح لهم في الأفق بريق مقاعد السلطة فينسون ماذا جاء بهم الى هنا ومن الذي دفعهم وأوصلهم ليكونون على هذه المسافة الدنيا من الكرسي الملعون. 

فنجد الوعود والعهود قد أُخلفت، وبدأت السرية تحيط بأفعالهم فتغيب الشفافية ويصبح هناك جدار بينهم وبين عامة الشعب الذي دفعهم لثقته بهم واعتقاده في جدارتهم وقوة ايمانهم بمبادئهم، ويبدأون في استخدام اسلحة التبرير والتخويف والمماطلة والممالئة، فيتحولون لنسخة مطابقة لمن كانوا بالأمس ألد أعدائهم والذين كانوا يعيبون عليهم افعال اصبحوا يقترفونها هم مستخدمين كل الحجج والذرائع لتبريرها متخطين في مسيرتهم نحو الكرسي الحقوق والواجبات وحتى النصوص الشرعية التي نصبوا أنفسهم حماة عليها ورعاة لها. 

كثيرا من الأسماء اللامعة ذات الشعبية الطاغية سقطت في فخ الكرسي الملعون، وقليلا هم من نجوا من زيفه وخداعه وخرجوا منه كما دخلوه. 

وقد شهدت الشهور التي تلت الثورة في مصر سقوطاً مدوي لسلسة من الأسماء التي لطالما حازت على درجة من الرضى والقبول لدى الشعب. 

فالإختبار الحقيقي للرجل يكون بتوليته سُلطة لمعرفة هل سيطبٌق عمليا ما يعتنقه من مبادئ وقناعات عندما تتاح له الفرصة لذلك، أم أنه سيضرب بمبادئه عرض الحائط ويلهث مع اللاهثين مضيعا تاريخه وأمانته ونفسه. 

حتى الأن ....... لم ينجح أحد في اجتياز الاختبار، البعض سقط سقوطا مدويا، والبعض قدم درجة من التنازل والبعض مازال محتفظا بمبادئه ولكنه بعيدا جدا عن الكرسي.

لن تنجح الثورة الا عندما يعتلي المناصب أشخاص لا يعرفون المساومات، ولائهم الأول للمبادئ ويعملون لصالح الشعب الذي حملهم لمقاعدهم. 

الثلاثاء، 3 يناير 2012

مستغرقون في التعاسة

لا تخلو حياة أحد منا من الألام والأحزان والتجارب المؤلمة، فالأحزان لا تعرف طبقات ولا تقف عند المستوى العقلي أو البيئي للفرد.

ولكن ما يصنع الفارق دائما هو أسلوب تعامل كلا منا مع احزانه وهمومه وما تعرض له في رحلة حياته من صدمات، فالبعض تتوقف حياته عند لحظات الفقد ويعيش في الماضي، يبحث عن كل ما يذكره بما كانت عليه حياته أيام سعادته وقبل أن تتقلٌب عليه الأيام والأحوال.

 البعض يعيش همه وكأنه صديقه الوحيد في الحياة فيلجأ الى كل ما يجسد مشاعره  فتجد الحزن يسكن منه الملامح ولون الملابس يختار من الموسيقى اكثرها شجناً ومن الكلمات ما يثير مشاعره ويعيده الى لحظات الألم مرارا وتكرارا وكأنه استعذب الحزن وصادقه ووجد فيه نفسه.

البعض الأخر يصنع لنفسه درعا من اللامبالاة، أو يسخر من كل شئ حتى من نفسه فتخرج صرخاته مختفية بين ترددات قهقهاته دون أن يلاحظ أحد.

والبعض يكره الأحزان ولا يطيق أن تستحوذ عليه هذه المشاعر السلبية لفترة طويلة، فيتعامل مع مشاكله ولا يتوقف كثيرا عند ما فقد فالحياة مستمرة والموج عالي والتوقف يعني النهاية. 

التغلب على الأحزان والمواقف الصعبة يتطلب الكثير من الشجاعة والوعي، أن نعرف جيدا اين وصلنا وما الذي وصل بنا الى هذه النقطة، ما الذي يمكن فعليا اصلاحه وتداركه، وما الذي يجب عبوره وغلق صفحته الى الأبد.

وفوق ذلك أن نستعين بكل طاقة ايجابية تمثل دافعا للخروج من دائرة الحزن، طاقة الايمان بالله وبأنه معنا يعين من يلجأ اليه، فيجد لديه الراحة وهدوء النفس.

ممارسة الرياضة والتي تستهلك الكثير من مشاعر الغضب والألم والحزن وتعطينا درجة من الرضا عن الذات والشعور بالقوة والحيوية، فبالاضافة لكون ممارسة الرياضة تعدل من افراز المخ لمواد هامة مثل السيراتونين والذي له تأثير هام في تنظيم دورات النوم واليقظة ويؤثر على الشهية والمزاج، تقوم الرياضة أيضا بتنشط المخ وتحسٌن من أدائه بصفة عامة، وبعض الأبحاث الحديثة تشير لأن تأثيرها قد يعادل تأثير بعض العقاقير المضادة للإكتئاب.

الاندماج في نشاط ذهني يتناسب مع ميولنا واهتماماتنا ويمثل لنا نوعا من الشغف يجعل التفكير فيه والعمل عليه لا يترك لنا الكثير من الوقت لإعادة التفكير فيما مضى.

وأخيرا أن ندخل الألوان الى حياتنا ونهتم بلمسات الجمال نزين بها ما حولنا ولتكن نغماتنا مشرقة مرحة متفائلة فحياتنا أقصر مما نتصور.

الأحد، 1 يناير 2012

تأملات في عام جديد

تدور الأرض في مسارها، بثبات وأستمرارية، وتتوهج الشمس بنارها وترسل ضيائها، تتناغمان مع ملايين الأجرام التي تسبح في الفضاء منذ الأزل، لا تعرف حسابات البشر الصغيرة، ولا تتوقف عند أيام وأعوام. 

بينما يعيش البشر بالأمل، يترقبون دائما البدايات الجديدة علٌهم يستطيعون تحقيق امنياتهم وأحلامهم وتصحيح أخطائهم والانسلاخ من الألام والأحزان التي عانوها على مدار العام، فالأيام في حياة البشر والأعوام محدودة مهما طالت بمقاييسهم ولا تساوي شيئا بمقاييس الكون الممتد بلا نهاية ولا بداية معروفة في الزمان والمكان. 
نحسِب الأعوام ونقيمها بما مر فيها من أحداث، وبحجم المكاسب والخسائر التي تحققت فيها سواء على المستوى الشخصي او الوطني والعالمي. 

ولا أعتقد ان هناك عام مر في حياتي حمل هذا الكم من الفواجع والأحداث والألام على كافة المستويات وفي أنحاء الأرض، لم تتوقف الكوارث والأحداث الساخنة وحتى أخر يوم فيه، فقد كان ختامه إعصار "ثان" في الهند وفيضانات في ثايلاند.
كان هناك شعور عام بالارتياح لانتهاء هذا العام الغريب الإستثنائي "أو نرجو أن يكون كذلك" ، فانتهاءه حمل لنا بعض الأمل الزائف في انتهاء ما فيه من مأسي وأحداث دامية، كانت الاحتفالات بالأمس في أرجاء العالم ضخمة ومتميزة وكأنها وداعا لكل ما مثٌله هذا العام. 

وأشرقت الشمس لتعلن صباحا جديدا وفي حساباتنا عاما جديدا، تفتحت أعيينا فإذا كل شئ كما كان، مازال البشر يعانون، لم تختفي المشكلات لم ترحل مع العام الراحل. 

ولكن .. مازلنا نأمل أن يحمل لنا العام الجديد الخير، وأن يكتب لنا الله فيه حياة أفضل وألام أقل!