الجمعة، 7 أكتوبر 2011

إضراب

لا يمر يوم في مصر دون أن نسمع عن انضمام احد الفئات العاملة الى قائمة المضربين عن العمل، الأطباء، المعلمون، الصيادلة، عمال النقل، المراقبون الجويون، العاملون البريد، العاملون بمصلحة الضرائب، أساتذة وطلبة الجامعات، المحاميون، بالاضافة لإضرابات العمال في معظم مصانع مصر، وأخيرا وليس أخرا إضراب الصحفيين إحتجاجا على الرقابة العسكرية على الصحف.
كل شئ تقريبا توقف عن العمل، وأصبحت البلاد على شفا إضراب عام شامل، والعجيب أن لا تجد هذه القوى المضربة أذان صاغية تستمع لشكواهم وتحاول حل المشكلة، وإن وجدت فالأمر لا يتعدى الوعود والعهود وفي أحسن الحالات إعطاء بعض المسكنات والتي لا تفيد ولا تحل المشكلة على المدى البعيد. 
وبالنظر للأسباب والدوافع وراء الاضرابات سنجدها جميعا على نفس المنوال، كلها تطالب بنفس المطالب المشروعة المفهومة والتي لا تحتاج الا لبعض القرارات الحاسمة تشعر العاملين بأنهم على طريق الاصلاح وأنهم يقفون على أرض صلبة وأن المؤسسة التي يعملون بها تحقق لهم طموحاتهم وتحفظ حقوقهم وتحترم تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.
ففي عصر مبارك أبتليت كل مؤسسات الدولة وهيئاتها ومصانعها بأشخاص تم تعيينهم لأسباب غير مفهومة، يقومون بوظيفة غير مفهومة، ويحصلون على رواتب من أرقام فلكية تستهلك الميزانية وأيضا لأسباب غير مفهومة.
فلا أعتقد أن مجرد الولاء للنظام سبب كافي أو منطقي يسمح لهؤلاء بالاستئثار بموارد الدولة وبالمناصب الهامة فيها بغض النظر عن مؤهلاتهم أو خبراتهم أو أحقيتهم بهذه الوظائف، وهذا ما جعل وجودهم وبالا على أماكن عملهم وسبب تراجعها وقادها نحو الخراب.
ولذلك يكون من المنطقي والطبيعي أن تتخذ إجراءات وقرارات حاسمة تعيد الأمور الى نصابها والحقوق الى أصحابها، وأبسط هذه الاجراءات والتي كان يمكن أن تجنب البلاد العديد من الاضرابات هي وضع حد أقصى وحد أدنى للأجور كما وعد بذلك رئيس الوزراء عندما كان محمولا على الأعناق في الميدان ويقسم بالله على رعاية مصالح الدولة وتحقيق أهداف الثورة ، لقد وعد بتحقيق ذلك خلال شهر من توليه المنصب، وها هي الشهور تمر دون أن يتحقق ذلك. 
إهمال المطالب المشروعة وتجاهلها والاعتماد على القوة في فض الاعتصامات لن يحل المشكلة وانما فقط يوغر الصدور ويزيد الأمور تعقيدا.
الغريب أن تثير الاحتجاجات والاضرابات العمالية إهتمام العالم ونجد أصوات من الخارج مثل صحيفة الواشنطن بوست تحذر من استمرار تجاهل مطالب العمال بينما في الداخل لا أحد يستمع أو يهتم.