الأربعاء، 8 يونيو 2011

بين التخوين والتكفير

ليس جديدا على تاريخنا العربي أستخدام منهج التكفير والتخوين في الحياة السياسية لإقصاء الأخر وقمعه وإزاحته من حلبة المنافسة ، وإن كانت الإنتفاضات والثورات الشعبية المعاصرة فتحت المجال واسعا للحديث عن الأجندات والعمالات لكافة أقطار الأرض وحتى السماء ولاقت المعارضة كافة صنوف الإتهامات بالموالاة للقوى الغربية والفارسية والصهيونية. 
وأنتشرت على صفحات الإنترنت روايات وحكايات عن نظرية المؤامرة التي أطلقت الثورات ودفعت بالشعوب للخروج نتيجة عمليات غسيل مخ أجرتها القوى العظمى لبعض الأطراف لتطبيق نموذج "الفوضى الخلاقة" الكونداليزي وتحقيق حلم "الشرق الأوسط الكبير" في تفتيت الدول العربية واضعافها وجعلها دويلات صغيرة لا حول لها ولا قوة.
وكأن الإستبداد والقهر والفساد والإفقار الذي مارسته هذه الحكومات على شعوبها لم يكن كافيا لإخراج الشعوب عن صمتها أو كأن الشعوب لا قوة لها ولا إرادة ولا عقل لترفع رأسها مطالبة بأدنى حقوقها الأدمية.
وإن كان هذا هو منطق الإستبداد ويمكن فهم أبعاده ودوافعه ، يكون من الصعب فهم أو قبول أن يكون ذلك هو منهج المعارضة نفسها بكافة أطيافها فيما بينها، فمن غير المقبول أن تتهم بعض الجماعات الدينية اصحاب الفكر الليبرالي بالكفر وحتى اذا صاموا وصلوا وأقاموا شعائر الدين وليس من المقبول أن يتم أستغلال أرتفاع نسبة الأمية وضعف الثقافة السياسية والحقوقية في توجيه الناس لرفض ما ينادي به هؤلاء من إصلاحات ومطالبات ستحقق الكثير من المكتسبات وستنهض بالدولة على كافة الأصعدة بسبب اختلاف الرؤى.
وليس من المقبول أن يتم اتهام بعض الجماعات والقوى السياسية الحرة بأنهم تلقوا تدريب وتمويل خارجي لتنفيذ مخططات هذه الدول التي يدعون تمويلها لهم بالرغم من أن هذه القوى السياسية تعرضت لصنوف التعذيب والتنكيل وبالرغم من أنهم يعزى لهم الفضل في إشعال أول شرارة في نفوس الناس حينما قالوا لا في وجه الإستبداد حينما كان في أوجه ، وأمنوا بالحلم عندما فقد الجميع الأمل في التغيير.

لا يمكن أن نمارس الإقصاء والعزل في وقت يجب أن تتضافر فيه الجهود ويشعر كل انسان بوجوده وينال حقوقه ، والإختلاف أمر طبيعي ووارد ويجب أن نتعلم قبوله فمن ليس معي ليس بالضرورة ضدي ، وليس بالضرورة خائن وعميل وغير مؤمن.

وبالرغم من سخافة هذه الإتهامات ودلالتها على وجود فكر رجعي وغير ناضج يحركها ويطلقها الا أن ما هو أعجب من ذلك أن ينشر أحد الأحزاب العريقة على صفحات جريدته دراسة طويلة يتهم فيها الليبراليين بالولاء لأمريكا وبأنهم صنيعتها ومدربين في معاهدها وهو الذي كان يفخر لقرابة المائة عام بليبراليته !!

مثل هذه الأجواء هي ما يثير الفوضى ويخنق الأمل فالأخر موجود وإنكاره أو إقصاءه لن يخفيه ولن ينهيه ، ولكن سيزيد الصراع حدة ويبدد الطاقات ويضيع الأهداف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق