الأحد، 22 مايو 2011

إعلامنا الذي لم تصله الثورة

تحول الإعلام في عصر تكنولوجيا المعلومات لقوة دولية مؤثرة على كافة الأصعدة وفي كافة المجالات ، ولم يعد الأمر قاصر على نقل الأخبار أو الأحداث اليومية التي يتعرض لها البشر حول العالم ، ولكن أستطاعت المؤسسات الإعلامية أن توجه الأنظار وتقدم توعية حقيقية شاملة بالكثير من المخاطر وتعرض أثار ذلك على المشاهد العادي وتقرب له المسافات بحيث يستطيع إنسان عادي معرفة حجم المخاطر التي يسببها الإحترار العالمي ويرى بعينيه ذوبان الجليد في الأقطاب وتأثير أرتفاع درجة الحرارة على الكائنات الحية وكيف أن ذلك أصبح يهدد العديد من الكائنات في بيئتها ويعرضها لمخاطر الإنقراض.
ويشكل ذلك نوعا من الضغط و التنبيه لمن بيدهم صنع القرار لفرض قوانين تحد من التلوث وتمويل الأبحاث التي تدرس وجود مصادر بديلة للطاقة ووسائل للتعامل مع النفايات والإنبعاثات لا تضر بالبيئة.
أو يقوم بتوضيح حجم الكارثة التي تعرض لها الناس في منطقة من الأرض ككارثة تسونامي التي أصابت اليابان أو إندونيسيا سابقا ، يجعلك الإعلام تعيش مع الناس المأساة لحظة بلحظة ، فيفتح ذلك المجال للعمل الإنساني والتطوعي للقيام بدوره وتدفع الكثير من الناس للمشاركة أو إقتراح حلول تخفف من المأساة أو تقديم تبرعات ومعونات ترفع المعاناة عن المنكوبين.
ويستطيع الإعلام إيصال أصوات المقهورين والذين نالهم القمع أو تضرروا من الصراعات الطائفية والعرقية المسلحة فتشكل أصواتهم قوة ضاغطة على المجتمع الدولي لإتخاذ قرارات وإجراءات تساهم في وضع حد لتلك الصراعات وإرسال المساعدات وأعمال الإغاثة اللازمة للإبقاء على حياتهم.
وتساهم وكالات الفضاء ومراكز البحوث العلمية بشكل كبير في إعطاء صور وبيانات هامة تمكن المشتغلين في اعمال الإغاثة الإنسانية من القيام بدورهم بدرجة أكثر كفاءة ، فبإمكانهم إعطاء بيانات عن الأماكن المتضررة بدقة وحجم الضرر المحتمل وأعداد البشر المتضررين.
وفوق ذلك يستطيع الإعلام أن يكون شاهد يوثق لجرائم الإبادة الجماعية ويسمح للناجين بمقاضاة مرتكبي الجرائم دوليا وإدانتهم كما حدث في كوسوفو حيث أمكن تصوير وإثبات وجود مقابر جماعية أدت لمحاكمة سفاح الصرب سلوبودان ميلوسوفيتش أمام محكمة لاهاي الدولية في اتهامات بجرائم ابادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية والذي راح ضحيته قرابة 300 ألف قتيل وتم تهجير قرابة 750 ألف شخص وأستمرت محاكمته قرابة أربعة سنوات حتى لقى حتفه في محبسه.
وأستطاع الإعلام الغربي متابعة ومواكبة أحداث وتطورات الثورات والإنتفاضات في البلدان العربية بينما غاب تماما ما يطلق عليه الإعلام العربي باستثناء قناة الجزيرة وبعض المواقع الإلكترونية الهامة عن تغطية الأحداث، وأنكشف عار إعلامنا العربي وعواره بدرجة مهينة ومخزية فلم تتوقف صحفنا وقنواتنا الفضائية المتعددة ، الحكومية والحكومية المستترة عن بث الأكاذيب وتشويه الحقائق وتضليل المشاهدين بروايات وصور لا تمت للحقيقة بصلة ، فبالرغم من حجم الإنفاق الذي كان ولا يزال ينفق عليه وبالرغم مما تتكبده ميزانية الدولة من أجل تحقيق الإستمرارية له فقد حولته التبعية المطلقة للسلطة وتفشي الفساد في منظومته الى كيان هش غير ذات مصداقية ، وأصبحت مهمته التضليل والتجهيل عوضا عن المهام الأصلية للإعلام والتي تتمثل في التوعية والتنوير.
قد يدعي البعض أن هناك تغيير طرأ على الإسلوب الذي أصبح الإعلام يتناول به القضايا العامة والحيوية بعد الثورة ، ولكن لا يرقى هذا التغيير لأن يجعل منه إعلام ذات مصداقية ، فمازال يسير في الخطوط المرسومة له دون أن يجرؤ على الخروج عنها ومازال يمارس أساليب التضليل والتغييب ومازالت الطواقم العاملة به هي طواقم كانت معايير توظيفها للعمل هي الوساطات والمحسوبيات وليست الكفاءات.
أعتقد أن إعلام الدولة يمكن اعتباره مؤشر جيد على حالتها فهومقياس لمستوى الشفافية والحريات السياسية والثقافة الإجتماعية التي تتمتع بها الدولة حكومة وشعباً، فعندما يكون لدينا إعلام قوي ومهني ومؤثر يملك القدرة على مناقشة كافة القضايا الهامة بلا خوف ولا تدليس سأعرف أن الثورة حققت أهدافها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق