الاثنين، 9 مايو 2011

نحو أنتخابات نزيهة

تشكل نزاهة الإنتخابات هاجس للسياسيين والناخبين الواعين على حد سواء فهي خطوة من أهم الخطوات نحو إقامة حياة ديمقراطية سليمة تقوم على العدالة والمساواة وإحترام حق الفرد في اختيار من يمثله ، ولا يخفى على أحد الأساليب البدائية التي يتم استخدامها في الدول العربية والتي يمكن وبسهولة شديدة التحايل عليها وتغليب أفراد بعينهم على عكس إرادة الناخبين وضد الإرادة الشعبية ،  حتى أن نسبة كبيرة جدا من الجماهير كانت قد أحجمت بالكامل عن المشاركة الإنتخابية وأثرت الإحتفاظ بصوتها لنفسها في ما يمكن أن ندعوه تصويت سلبي بعدم الثقة في الحكومة والنظام القائم برمته. وليس من الغريب أن يكون إهتمام الإنسان بالإقتراع قديم قدم التاريخ ذاته فقد سجلت أثينا مهد الدولة المدنية  أول التجارب الديمقراطية وعرفت أهمية التصويت ورأي الأغلبية في صناعة القرار وأستخدموا أحجار بيضاء للتصويت ب "نعم" وأحجار سوداء للتصويت ب "لا" بينما سجلت الحضارة الفرعونية تجارب بدائية للتصويت باستخدام قطع الفخار عليها علامات تدعى "أوستراكا".
وتمر السنون وتغزو التكنولوجيا الحديثة معظم الأنشطة البشرية تقريبا وليس بغريب أن يطال التطوير أساليب التصويت وتقتحم التكنولوجيا العملية الإنتخابية خاصة في الدول التي تعرف قدر الصوت وتهتم بإبراز رأي الأغلبية وإحترام الإرادة الشعبية وحق الشارع في المشاركة في صنع القرار.
أول براءة إختراع تم تسجيلها بخصوص أجهزة الإقتراع كانت للعبقري إديسون قبل 142 عام في 1869 ميلادية، ولكن لم يلتفت أحد لذلك ولم تتطور الأجهزة فعليا إلا في سبعينيات القرن الماضي.  وهناك تجارب متميزة رائدة أستحقت أن تشكل مثل يحتذى به من قبل الديمقراطيات الناشئة . فالبرازيل على سبيل المثال بدأت آستخدام التقنية منذ التسعينيات وقامت بتجربة العديد من الأنظمة حتى أستقرت أخيرا على آستخدام نوعية محددة من الأجهزة منذ عام 2000 وأستطاع النظام المستخدم التعامل بكفاءة عالية مع عدد الناخبين البالغ 106 مليون ناخب.
وفي أمريكا تم أستخدام العديد من التقنيات في العديد من الولايات وتم دراسة عيوب ومميزات الأجهزة المستخدمة باستفاضة شديدة فقد تم أستخدام الأجهزة الحساسة للعلامات والتي تعتمد على مسح ورقة التصويت ألياً لبيان مكان العلامة في الأشكال الدائرية أو البيضاوية التي تمثل الإختيارات المتاحة، كما تم آستخدام الألات ذات الزراع وبطاقات التثقيب وصولا للأجهزة الأحدث والأدق حى الأن والمعروفة بالأجهزة ذات التسجيل المباشر direct record electronic - DRE  ولم تخلو هذه الألات الحديثة أيضا من العيوب الصناعية والتقنية بالرغم من محاولة الولايات المختلفة وضع قواعد ومواصفات عامة لها لتنفيذها من قبل الشركات المنتجة لها .
ونأتي للتجربة الهندية وهي تجربة أيضا لا يمكن إغفالها فليس من السهل التعامل مع أصوات بعدد الناخبين في الهند . فقد أنتجت الهند جهاز إلكتروني للتصويت   Electronic Voting Machine  وتم أعتماده وأستخدامه في الإنتخابات الهندية منذ عام 1989 - 1990 يستوعب الجهاز الواحد قرابة ال 3840 صوت وهي رخيصة الثمن ويمكنها العمل على بطاريات الشحن لإستخدامها في المناطق النائية بكفاءة ويمكن لهذه الأجهزة الإحتفاظ بنتائج الإنتخابات لمدة تصل لعشرة سنوات.
وبالرغم من أن الأجهزة الحديثة تقلل كثيرا من إحتمالية الخطأ والتلاعب ، إلا أنها لا تستطيع إلغاء ذلك بالكلية فمازال هناك العديد من المشكلات التي قد تواجه المستخدمين منها المستوى الثقافي والتعليمي والذي قد يقف حجر عثرة أمام نسبة كبيرة من المصوتين في البلدان النامية مما يستوجب معه وضع أنظمة سهلة الإستخدام وواضحة للجميع وكذلك ضرورة تدريب المشرفين على العملية الإنتخابية على هذه الأجهزة ليمكنهم إدارة الإنتخابات بكفاءة وعمل رقابة صارمة على جميع خطوات الإقتراع لتأمينها من عمليات الإحتيال ، والأهم أن يتمتع الناخبين بدرجة من الوعي والثقافة لمعرفة أن صوتهم يساوي مستقبلهم ومستقبل أبنائهم لذلك هو لا يقدر بثمن. أتمنى أن تدخل بلادنا عصر التصويت الإلكتروني وعصر الديمقراطية الفعلية بعد ما عانيناه من ويلات في عصور الإستبداد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق