الثلاثاء، 17 مايو 2011

الجريمة والعقاب

العقاب أحد البديهيات التي تستقيم بها الحياة فوجوده يعطي الأمل لمن تم الإعتداء عليه أو أنتهكت حقوقه بأنه سيرى يوما ما من أذاه يذوق الألم ويعرف معنى العذاب ، وهو رادع لمن تسول له نفسه التعدي على حقوق الأخرين ونيل ما ليس له فيه حق ، ولم تخلو الروايات والمثيولوجيا قديما وحديثا من ذكر للخطايا التي يصنعها البشر وكيف أن المخطئ يلاقي عقوبته الربانية في النهاية، فلابد للمخطئ من عقاب ولابد للطيبين من مكافئة فهذا يشعر السامعين والقارئين بحالة من الرضا والراحة ، وان كانت الحياة لا تسير دوما على نفس المنوال فقد يعيش الإنسان ويموت مسلوب الحق مهدر الحقوق وينال الظالمون كل أسباب العزة والرفعة والرفاهية.
عندما تختل موازين العدالة ويسمح النظام القائم للجاني أن يفر بلا عقوبة تبدأ أركان الدولة في الإنهيار وينتشر الفساد وتسود الفوضى فمن تعرض للظلم قد يفعل أي شئ مقابل نيل ما يعتقد أنه حقه وقد يستخدم في ذلك وسائل غير مشروعة فيصبح جاني ومجني عليه في أن واحد ، أو قد يجعله الظلم يكفر بالقيم وينجرف في تيار الفساد ، إذا أردت لدولة أن تنهار فابدأ بالعبث بمنظومة العدالة ، حيث تطول اجراءات التقاضي وتتدخل السلطة والرشوة والمصالح في سير العملية وحتى إذا نال المظلوم حكم نهائي بعد سنوات من العذاب لا يجد من ينفذ له الحكم فيصبح ما ناله لا يتعدى كونه حبر على ورق.
هذه الإجراءات العبثية هي تحديدا ما جعل الفساد ينتشر ويتسرب لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة وحتى أصاب الحياة الإجتماعية بخلل شديد من الصعب علاجه ، وليس بخفي على الجميع أن الفساد كان من أهم أسباب قيام الثورة ، وأجتثاثه ومحاسبة المسؤولين عنه مطلب من أهم مطالب الثورة اذا لم يتم بشكل سريع وعادل ومُرضي بلا التفاف ولا مجاملات فإن ذلك سيفتح الجروح التي لم تندمل ويهيج نفوس شعب عاني من ويلات الظلم والقهر لعقود.
وإذا كان العقاب هام وضروري في الجرائم الفردية والتي تعرض فيها أشخاص محدودون للظلم فإن العقوبة تبدو حتمية لاجدال فيها عندما يكون الضحية شعب كامل أنتُهكت أرضه وحضارته وثرواته وحياته ومستقبله وصحته وكرامته وحتى أن حياته لم تحظى بالقدسية التي أحاطها الخالق بالحياة لكل مخلوقاته.
خسائرنا لم تكن أموال ضاعت أو سرقت ، خسائرنا أكبر وأعمق ، ولا يوجد في قانون العقوبات عقوبة تكفر عن الجرائم التي أرتكبها النظام السابق في حق مصر وشعبها فهناك أشياء كما قال شاعرنا الرائع أمل دنقل .. لا تشترى .
لا تصالح!
.. ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى؟..
هي أشياء لا تشترى..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق