الأربعاء، 23 مارس 2011

أسلحة دمار شامل

ليست نووية ولا كيميائية ولا جرثومية، ولكنها لا تقل عن هذه النوعية من الأسلحة من حيث قوة التدمير بالرغم من أنها ليست أكثر من مجرد هواء يمر من الرئتين على الحنجرة ويخرج من بين الشفاه في صورة حروف وكلمات ، والتي هي معجزة البشر التي لم يتم إكتشاف ماهيتها وتقنية حدوثها بشكل كامل حتى الأن حيث يستطيع طفل في السادسة وببساطة تخزين قرابة 13,000 تعبير مختلف يرتفع هذا المخزون ليتعدي ال 60,000 في سن النضوج، ولكن عندما يستخدم البشر هذه الخاصية الفريدة في صياغة شائعات وفي السعي بالنميمة بين أفراد المجتمع يؤثر ذلك بشكل من الصعب تداركه في حياة بعض الناس فقد يتسبب في تدمير زواجهم أو إقصائهم من أعمالهم أو عدم توليهم مناصب كانوا أهلا لها ، ويعتبر بعض المتخصصين في علم النفس أن النميمة وإطلاق الشائعات هي حاجة نفسية يلجأ إليها الناس لتقوية علاقاتهم فهذا يؤكد وجود نوع من الثقة داخل دائرة الأصدقاء ويبقى دائما واحد خارج هذه الدائرة هو بالطبع الضحية الذي وقع فريسة للمجموعة، وقد يشعرهم ذلك بتميزهم وبأنهم أفضل من الأخرين، وكأن من يطلق الشائعة يقول للأخرين أنظروا لفلان وقد فعل كذا وكذا نحن أفضل ولم نفعل مثل ما فعل.  وتختلف الشائعات باختلاف جنس الأفراد والمرحلة العمرية ونمط الحياة الذي يعيشونه ومستوى ثقافتهم ونوعية إهتماماتهم ، وغالبا ما يقع السياسيين والفنانين ضحية الشائعات فهم مادة متوفرة ومعروفة من نسبة كبيرة من الناس والحديث عنهم لا ينتج عنه مشاكل مباشرة للأشخاص الذين أطلقوا الشائعة.
والشائعات قد تنشأ بشكل عفوي لمجرد التسلية وتقوية العلاقات وتمضية الوقت وقد تنشأ كإجراء إنتقامي من بعض الشخصيات الحاقدة والتي فشلت في مواجهة الأخرين بحقـدها فوجــدت فــي ترويــج الشــائعات الكــاذبة متنفســا ووســيلة للإنتقــام.
عندما تنتشر الإشاعات في نطاق ضيق داخل مجتمع صغير محدود تكون نتائجها المدمرة أيضا محدودة وقاصرة على الفرد أو المجموعة الصغيرة الذين أوقعها حظها العاثر فريسة بين أفواه أفراد من مجتمعهم، ولكن حاليا أصبحت الإشاعات تستخدم بشكل أوسع وتجوب نطاقات من الصعب حصرها وتمس فئات أكبر وساهم في ذلك وسائل الإتصال وشبكات المعلومات التي وصلت لكل بقاع الأرض تقريبا وظهر ما يسمى بالصحافة الصفراء والتي تعتمد على نشر أكبر عدد من الشائعات والبحث في أدق خصوصيات المشاهير والتي تحظي حياتهم الخاصة بإهتمام شريحة كبيرة من المجتمع وبالطبع لم تغفل القوى الدولية التجارية والسياسية أهمية هذا السلاح الذي يمكنه أن يحرك الجماهير فأصبح هناك ما يمكن تسميته بتقنية مدروسة لإطلاق الشائعات تستخدم هذه التقنية أحيانا في الترويج لمنتج ما أو الإساءة لسمعة منتج أخر وتكون على أشدها في أوقات الإنتخابات حيث يتعرض المرشحين المحتملين لأقصى درجات الضغط بترويج الكثير من الأقاويل والشائعات حول إنتماءاتهم وحياتهم الشخصية، منها ما هو صادق ومنها ما هو كاذب ومنها ما يعتمد على حقائق وتم تضخيمها وتشويهها بدرجة تجعل من الصعب تأكيدها أو تكذيبها .
وعندما تسود الإضطرابات والصراعات تكون الشائعات على أشدها ويكون من المستحيل التحقق من كل ما نسمعه فالشائعات التي لاحقت قيام الثورة والرموز التي أحاطت بالثورة من الكثرة بحيث أصابت الجميع بالتشويش والحيرة ولم يعد أحد يستطيع رؤية الحقيقة المجردة في وجود ضباب كثيف من الأكاذيب . لم تتوقف ألة إنتاج الأكاذيب والشائعات لحظة ومنذ قيام الثورة في مصر بداية بأن عناصر الثورة ممولين من الخارج وينفذون أجندات بزعم من كانوا في السلطة وتارة يجعلون هذا الخارج أمريكا وإسرائيل وتارة أخرى يكون هذا الخارج هو حماس وحزب الله، أو تلخيص الثورة في وجوه محددة بالرغم من شعبيتها وإنتشارها في ربوع مصر ثم التركيز على تشويه هذه الوجوه كما فعلوا بوائل غنيم والذي جعلوا من سوار معصمه والتي شيرت الذي يرتديه دليل حاسم على إرتباطه بالماسونية العالمية ، أو المفترى عليه دائما وأبدا الدكتور محمد البرادعي والذي تلاحقه الشائعات في صحوه ونومه قبل وأثناء وبعد الثورة، ناهيك عن نشر شائعات الترويع والإرهاب والتي تدعي وجود معتدين ومغتصبين يتهجمون على المنازل ونقص في الأغذية قد يؤدي لمجاعة قادمة.

الشائعات .. سلاح العصر القاتل والذي قد يبرر حتى قيام حروب بحجج تفتقد للمصداقية وتبرر إنتهاك لحقوق وحريات البشر دون ذنب جنوه سوى أنهم وقعوا في مرمى نيرانها التي لا ترحم.  

هناك تعليق واحد:

  1. بالفعل هي اسلحة دمار شامل تدمر اغلى مافي الوجود _ العلافات الانسانية-
    كان لي تجربة في هذا المجال لدراسة سرعة انتشار الشائعات وكيف يضاف اليها الكثير من البهار اثناء انتقالها واقول لك ان الأمر كان مروعاً

    ردحذف