الجمعة، 18 مارس 2011

تعديل أم تغيير ؟

أحتلت مسألة التعديلات الدستورية المزمع التصويت عليها السبت 19\3\2011 عناوين الصحف وأصبحت تمثل الموضوع الأكثر مناقشة في البرامج الحوارية وعلى صفحات الإنترنت وتحول الأمر لمعركة بين معسكرين ، معسكر مؤيد بشدة للتعديلات ومعسكر معارض وأيضا بشدة للدستور الحالي ككل والعجيب أن يضم كل فصيل فئات لم نكن نحلم في يوم من الأيام أن تتفق على شئ وكذلك تختلف وجهات نظر فرق لم يكن من المتوقع أن تختلف بهذا الشكل في يوم من الأيام ، يركز الفصيل المعارض إعتراضه في سقوط شرعية الدستور المعمول به بسقوط النظام السابق مما يستدعي إنشاء دستور جديد ديمقراطي يتوافق مع تطلعات شباب الثورة ، ويعتبرون أن التعديلات الحالية لم تقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية والتي هي أداة صنع ديكتاتور متفرد بالقرار وغير قابل للمحاسبة ، كما أن هناك إعتراض من البعض على قصْر إمكانية الترشح للإنتخابات لمصريي الجنسية والمتزوجين من مصريات ، ويعتبرون أن الفصيلين الوحيدين المؤهلين لخوض إنتخابات في المدى القريب هما الإخوان المسلمون والحزب الوطني  وهذا المعسكر الرافض للتعديلات يضم إئتلاف شباب الثورة والأحزاب الليبرالية واليسارية والجمعية الوطنية للتغيير وقيادات الكنيسة ، بينما يعتبر معسكر المؤيدين للتعديلات أن رفض التعديلات يعني بقاء الحكم العسكري لمدة أطول وقد تمتد إلى أكثر مما يمكن تخيله كما أنه يفتح الباب للكثير من الخلافات والشقاقات ويعطل مسيرة الديمقراطية المنتظرة كما أنهم يؤكدون أن الفرصة متاحة للجميع للمشاركة وأن الشعب المصري في الكثير من الدوائر الإنتخابية يعتمد على العلاقات القبلية والعائلية بأكثر من إعتماده على فكر أو سياسة المرشح وأن الديمقراطية تحتاج لسنوات حتى ترسي دعائمها ولا يمكن الإنتظار إلى الأبد لإكمال مسيرة الإصلاحات السياسية كما أن القبول بالتعديلات لا يمنع القيام بعمل دستور جديد بعد الإنتهاء من الإنتخابات ويضم هذا المعسكر الإخوان والسلفيين ونسبة كبيرة من المثقفين والمفكرين المستقلين وفلول الحزب الوطني الذي لاقى ضربات موجعة وفي الصميم بعد تخلي الكثير من قياداته عنه وسقوط الداعم الأكبر له والذي هو رئيس الدولة السابق.
كلا المعسكرين لديهما من الحجج والبراهين المنطقية ما يصعب الأمر كثيرا على المثقفين وحتى القانونيين فماذا سيكون الحال يا ترى بين عامة الشعب ؟
وعموما فالمشهد وإن كان مختلط ويجعل من الصعب التنبؤ بما هو قادم ، إلا أن ذلك ليس غريبا فممارسة الديمقراطية بعد عقود من الإستبداد تحتاج للكثير من التدريب والتأهيل وإجتياز التجارب المفترض علينا إجتيازها ودراسة النتائج ومواطن الخطأ والصواب فلا يمكن الإنتقال من حالة خضوع كامل لنظام فرعوني لا يرينا إلا ما يرى وبين نظام ديمقراطي يستطيع كل فرد من أفراد الشعب في ظله أن يكون له كلمة وصوت مسموع وتأثير في صنع القرارات المصيرية، في إنتظار ما ستؤول له نتيجة الإستفتاء والتي أرجو أن يراعى فيها معايير النزاهة والشفافية المفتقدة دائما وأبدا في الإنتخابات والإستفتاءات السابقة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق