الأربعاء، 27 أبريل 2011

ألحان ثورية

لطالما تعجبت من عشق أصدقائي أصحاب الروح الثورية لأغنيات الشيخ إمام، وبائت محاولاتي في أستساغة نغمات أغنياته القديمة بالفشل فقد أعتادت أذاننا نوعيات أخرى من الموسيقى ذات إيقاعات تتميز بسرعات أكبر ونغمات أعلى من أغنيات ذلك العصر وغزت التكنولوجيا الحديثة في مجال الصوتيات والإلكترونيات أغلب ما نسمعه من مقطوعات وأغنيات، ثم قامت الثورات وكأنها قامت على كل ما هو مصطنع ومفتعل وكل ما هو ليس خارج من تراب الوطن، وأنبعثت معها أغاني إمام الثورية وفجأة أصبحت بالنسبة لي منطقية ومستساغة فهي أصيلة ومن صميم الروح المصرية وتعرف كيف تثير الحماس في النفوس وتحركها  

 يا مصر قومي وشدي الحيل  ::  كل اللي تتمــــــنيه عنـــدي
لا القهر يطويني ولا الليـــــل :: آمان آمان آمان بيرم أفندي
  رافعــين جباه حرة شريفــــة ::  باسطين أيادي تأدي الفرض
 ناقصـــين مــؤذن وخليفـــة  :: ونور ما بين السما والأرض
      يا مصر عودي زي زمــــان ::  ندهة من الجامعة وحلوان      
يا مصـــر عــودي زي زمان :: تعصــــي العــدو وتعــاندي

عاد الشباب يبحث عن الكلمة التي تعبر عنه، عن شعراء تغنوا بحب مصر وصاغوا مشاعره نحو الوطن في كلمات خالدة بليغة فها هي أم كلثوم تشدو برائعة إبراهيم ناجي
 
أجل إن ذا يوم لمن يفتدي مصرا
فمصر هي المحراب والجنة الكبرى
حلفنا نولي وجهنا شطر حبها
و نبذل فيه الصبر و الجهد و العمرا
سلاماً شباب النيل في كل موقف
على الدهر يجني المجد للنيل و الفخرا
تعالوا فقد حانت أمور عظيمة
فلا كان منا غافل يصم العصرا
تعالوا نقل للصعب أهلاً فإننا
شباب ألفنا الصعب و المطلب الوعرا
شباب إذا نامت عيون فإننا
بكرنا بكور الطير نستقبل الفجرا
شباب نزلنا حومة المجد كلنا
و من يغتدي للنصر ينتزع النصرا
 
عندما عادت أغاني العزة والمجد تصدح بما في نفوس الثوار جعلتنا نتسائل كيف حرمنا حتى من أغنيات في حب الوطن تهز القلوب وتدغدغ المشاعر وتحول الشعراء والملحنين في عصور القهر والإستبداد لمتسلقين في منظومة النفاق التي تتغنى بمناقب الرئيس الملهم الذي أختصر الوطن في ذاته.
كيف يتأثر الإنسان بالموسيقى ؟ ما هو سرها الذي يجعل حتى الطفل في رحم أمه يتأثر بها ، كيف يمكن لنوتات صغيرة أن تبهجنا وتبكينا أو تشعرنا بالحماسة والفخر أو الحزن والألم؟ ولماذا تركت الحضارات القديمة والموغلة في القدم ألات موسيقية ورسومات جدارية تمثل العزف وطرب المستمعين وتمايلهم مع النغمات ؟
كيف أستطاعت الموسيقى أن تؤثر في الجموع وتوطد العلاقات الإجتماعية حيث يجتمع الأصدقاء حولها في جلسات السمر والسهر؟
حيرت الموسيقى وتأثيرها الساحر الباحثين والعلماء فبدراسة تأثيرها على المخ لم يستطيعوا تحديد مواقع خاصة في المخ تثار أو تنشط بصفة خاصة عند سماع الموسيقى فالعديد من مناطق المخ تنشط في وقت واحد عند الإستماع للموسيقى وإن كان من الملاحظ أن هناك تغير في المناطق التي تتفاعل معها كلما زادت خبرة ودراسة المستمع  وبالرغم من ذلك التنبيه القوي الذي يثيره السماع للموسيقى في المخ فإن العلماء يقولون أن الأذن تحديدا تحتوي على أقل عدد من الخلايا الحسية إذا قارناها بالأعضاء الحسية الأخري كالعين مثلا فبينما يوجد في الأذن 3500 خلية داخلية من شعيرات الحس السمعي فيوجد بالمقابل مائة مليون مستقبلة ضوئية في العين ولكن الإستماع للموسيقى ينبه الدماغ لتشغيل عدد من المناطق تقع خارج القشرة السمعية والتي تحوي مناطق تكون عادة منشغلة بنوعيات أخرى من التفكير فتجعل تأثر الإنسان بالموسيقى يعتمد على خبراته الخاصة البصرية واللمسية والعاطفية في وقت الإستماع للجملة الموسيقية، كما تؤكد الدراسات أن الأشخاص الذين يتلقون تدريبات موسيقية مكثفة تزيد لديهم بدرجة كبيرة الخلايا التي تستجيب للنغمات الموسيقية خاصة في المناطق السمعية في الجزء الأيسر من المخ بنسبة قد تصل ل 25% عنه في الأشخاص الغير مدربين، وتزداد النسبة كلما بدأ الإنسان في التدرب على الموسيقى من سن صغيرة .
وفي دراسة أجراها باحثين بجامعة كوستانز بألمانيا على عازفي الكمان وجد العلماء أن المناطق الدماغية التي تستقبل الإشارات العصبية من اليد اليسرى من الأصابع الأربعة "السبابة وحتى الخنصر" تكون أكبر كثيرا من الموجودة في غير عازفي الألات الوترية، كما أن إستجابة المخ لصوت البوق عند عازفي البوق تختلف عن إستجابته للأصوات الأخرى. 
وفي النهاية تؤكد الأبحاث أنه لا أحد يمكن إعتباره موسيقي بالفطرة ولكن التدريب والتعليم يجعل المخ يتنبه ويتكيف دائما مع ما يصله من خبرات وبيانات. قد يكون للموسيقى دور كبير في تحفيز الهمم وإثارة الحماسة. 
ولذلك .. نطالب بالمزيد من الأغنيات الحماسية الثورية التي تمجد الوطن ولا تتعبد في محراب الحاكم. 

هناك تعليق واحد:

  1. ربما لها مفعول ايجابي ولكنني لست معك في هذا.. فالأغاني الثورية التي طالما غناها الشعب بقت ثورية في قلوبهم وضمائرهم والكثير منها انقلبت لتمجد الرئيس والزعيم حتى باتت تتلى في شعارات الصباح والمساء وأول من استخدمها كان المرحوم جمال عبد الناصر ثم انتشرت في كل ارجاء المعمورة العربية

    ردحذف