الاثنين، 11 أبريل 2011

أسلحة قمعية

أتابع مثل الملايين غيري الحركات الإحتجاجية والثورات والتي لم تهدأ ولم يُطفئ لهيبها ومنذ اندلاع الثورة التونسية ، قرأت وسمعت عن مختلف الأسلحة القمعية الأمريكية الإسرائيلية الصنع والتي تشتريها الحكومات بأموال الشعب لقمع إرادته وإخماد صوته ومطالبه إلى الأبد، وبالرغم من نقل وسائل الإعلام لمشاهد مفزعة من إطلاق للرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع ودهس المدرعات للمتظاهرين بلا رحمة ، وبالرغم من الصدمة الكبيرة التي سببتها لي محرقة يوم الأربعاء الثاني من فبراير في ميدان التحرير، إلا أن المشهد الذي تم نقله من اليمن كان مرعب ويثير العديد من التساؤلات ، فالأعراض التي ظهرت على المحتجين ومعظمهم من الشباب اليمني الواعد وطلبة الجامعة كانت غريبة جدا ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون نتيجة الغاز المسيل للدموع والمعروف بCS -Gas  أو chlorobenzylidenemalononitrile والذي يستخدم عادة في تفريق المتظاهرين ، والأمر ذاته تكرر في أيام الثورة المصرية حيث ظهرت أعراض غريبة وغير متوقعة على المتظاهرين كحالات التشنج الشديد وفقدان الوعي ، وإن كان البعض قد برر ذلك بإنتهاء صلاحية هذه الأسلحة من سنوات طويلة قد تصل إلى خمسة عشر سنة إلا أن الأمر كان لافت للنظر ودافعا للبحث والتنقيب عن نوعية الغازات المستخدمة في تصنيع الأسلحة وتأثيراتها على البشر وطرق الوقاية والإسعاف الممكنة منها.

- غاز الأعصاب Nerve agents 
 وهي مركبات تؤثر على النواقل العصبية في الجسم البشري وتصنف تحت قائمة مركبات الفوسفات العضوي  Organophosphates وهي مركبات يمكن أن يمتصها الجسم عن طريق الجلد أو التنفس أول ما تم إكتشافه في هذه المجموعة هو مركب  tabun تم إكتشافه في عام 1936 وخلال فترة قصيرة تم إكتشاف ألاف من المركبات المماثلة مثل السارين  sarin  والذي تم تحضيره في عام 1938 و السومان soman والذي تم تحضيره في 1940 هذه المركبات الثلاثة تم تصنيفها تحت مجموعة واحدة سميت G agents  وتلتها مجموعة أخرى تعرف ب V-agents أكثر سمية من سابقتها بعشرة مرات. 
ترجع السمية الشديدة لهذه المركبات لإرتباطها بالأسيتيل كولين إستيريز acetylcholinesterase وإيقاف عمله في التعامل مع الناقل العصبي الأسيتيل كولين acetylcholine  ويتسبب ذلك في تراكمه وإنقطاع البث في المستقبلات العصبية معطيا أعراض ما يسمى بالأزمة الكولينية cholinergic crisis وهي تشمل التعرق الشديد وزيادة إفراز البول والإسهال وحدوث تشنجات شديدة كما تؤثر بشدة على الرئتين والقصبة الهوائية  وقد يصل الأمر لشلل تنفسي يؤدي للوفاة وكذلك شلل عضلي.
الإسعافات الأولية تتمثل في التعرض للهواء النظيف والإبتعاد عن منطقة إنتشار الغاز و سرعة التخلص من الملابس الملوثة عن طريق النزع دون تمريرها على الوجه ، غسل الجسم بماء نظيف وصابون وحتى التخلص من أثر هذه المركبات ، ثم تبدأ المعالجة ب atropine و oximes حيث يقوم الأتروبين بتجفيف الإفرازات ويقوم الأوكزيم بفك إرتباط الأسيتيل كولين إستيريز ليعود للعمل مرة أخرى. والأمر يعتمد بشكل كبير على سرعة إجراء الإسعافات وتركيز المادة التي تعرض لها المصاب في تقليل الأثار الضارة والمميتة التي تسببها هذه المجموعة الخطيرة من الغازات السامة.

غاز الخردل Mustard agents   

هذه النوعية من المركبات تتسبب في إحداث حروق شديدة بالجلد وأضرار شديدة بالأعضاء الأخرى كالعين والجهاز التنفسي والأعضاء الداخلية وتبدا الأعراض في الظهور خلال من ساعتين لأربعة وعشرين ساعة وتظهر الأعراض المتوسطة في صورة ألام شديدة بالعين وإلتهابات بالجلد وتهيج بالأغشية المخاطية وبحة في الصوت وسعال وعطس مستمر ، واعراض التسمم الشديد تكون في صورة  تقرحات وعمى وغثيان وتقيؤ ومضاعفات في الجهاز التنفسي والرئتين قد تؤدي للموت ، وكذلك يحدث إنخفاض شديد في عدد كرات الدم البيضاء وتأثير قوي على نخاع العظم والخلايا الليمفاوية يشبه التأثير الإشعاعي. 
الإسعافات تبدأ بنزع ملابس المصاب وغسيل جسمه وشعره بماء نظيف والبعض يفضل حلق الشعر بالكامل وكذلك غسيل عينيه بمحلول ملح ومحاولة إبقاءه بعيدا عن أي مصدر  للعدوى . ويعالج المريض بالمسكنات والمضادات الحيوية.

الغاز المسيل للدموع CS gas

من أهم المركبات المستخدمه في هذه النوعية من الأسلحة مركب  chlorobenzylidenemalononitrile وهي مركبات تسبب حكة شديدة وإلتهابات في العين وسيلان غزير للدموع وكذلك إلتهاب الجلد والجهاز التنفسي العلوي مما ينتج عنه كحة وعطس وصعوبة في التنفس. 
تمثل أقنعة الغاز وسيلة جيدة للحماية من تأثير الغاز ولكنها كذلك مكلفة وليست متوفرة إلا لرجال الجيش والشرطة ولذلك يستعيض عنها البعض بأستخدام قناع من قماش يحتوي على الفحم أو باستخدام قماش مبلل يحتوي على مادة صوديوم ميتا باي سلفات sodium metabisulphate  وهي تستخدم في الأغراض المنزلية للتخمير، هذه المواد يمكنها معادلة تأثير الغاز المسيل للدموع ، وفي حالة عدم توفر أي من هذه المواد يتم غسيل الوجه والعيون بالماء النظيف بسرعة وكذلك يتم الإبتعاد عن مكان إطلاق الغاز ، ولا ينصح أبدا باستخدام أي دهانات من مواد دهنية فالغاز يذوب في المواد الدهنية ويسبب المزيد من الألم والإلتهابات، يتم إزالة الملابس ووضعها في أكياس بلاستيك وتغلق جيدا وكذلك تزال الحلي والنظارات وتغسل جيدا بالماء والصابون قبل وضعها وتنزع العدسات اللاصقة ولا يعاد إستخدامها مرة أخرى وفي حالة وجود صعوبة في التنفس يتم إستخدام أدوية تعالج الأزمات التنفسية مثل bronchodilators والستيرويدات steroids ويغسل الجسم جيدا بالماء والصابون.

وفي النهاية هذه ضريبة فرضت على الشباب العربي أن يدفعها من دمه ودموعه فداء لحلمه في وطن يحقق فيه ذاته ويصنع مستقبله ويكون ..... حر.


هناك تعليقان (2):

  1. أعجبني أحد الشعارات المكتوبة في أحد المظاهرات..

    نرجوا من الدولة استخدام الرصاص المطاطي بدلاً من الرصاص الحي أسوةً بإسرائيل....

    جملة معبرة ومخزية وتعبر عما حدث في كل المظاهرات العربية

    ردحذف
  2. بالفعل جملة مؤلمة يا عزيزي
    ولقد قرأت جمل مشابهة كأحد المتظاهرين الذي يرجوهم أن يكتفوا بإطلاق النار على الأرجل بدلا من الرؤوس والأعناق

    ردحذف