السبت، 13 نوفمبر 2010

الحياة العصرية

يمكننا القول بأن البشرية مرت في مشوارها الطويل بثلاثة مراحل رئيسية ، بداية بالحياة البدائية التي إعتمد فيها الإنسان على الصيد وكانت قوته وسرعة حركته وقدرته على المواجهة أو الهرب أو الإختباء هي ما يعتمد عليه بقاءه ، ثم تلى ذلك مرحلة نزوحه لضفاف الأنهار وإقامة حضارات قامت بالأساس على الزراعة والرعي وتدجين الحيوانات والطيور ، وما تلاه من نشوء الحضارات وبداية التاريخ الإنساني المكتوب.
ثم مرحلة الحياة العصرية التي تتطور في كل لحظة بما لا يمكن للعقل الواحد اللحاق بها ومتابعة السباق في مجال التحديث والتطوير في كافة مجالات الحياة.
حتى أن البعض يزعم أن ما نسمعه وما نتعامل معه من أخبار في اليوم الواحد يفوق ما كان يسمعه أجدادنا في عام كامل ، هذا الزخم اليومي في الأحداث والأخبار والمعلومات ، مع ضغوطات العمل وضغوطات الحياة اليومية تشكل في مجموعها ضغط نفسي هائل قد لا يستطيع الكثيرين الصمود والتحمل تحت وطأته.
بالإضافة للتطور الصناعي الذي جعل من المائة عام الأخيرة تلوث الأرض وتغير من طبيعة الحياة على وجهها بما لم يحدث في ألاف السنوات السابقة حيث تم القضاء على ألاف الأنواع من الكائنات الحية والكثير مما بقى مهدد بالإنقراض، وأصبحنا نتعامل مع الملوثات بشكل يومي سواء في الهواء أو الماء أو الغذاء.
ولأن أكثر من نصف سكان الأرض حاليا يعيشون في المدن فقد تغيرت النظم الغذائية لهم وأصبحت في كثير من الأحيان تعتمد الوجبات الجاهزة والغنية بالدهون والسعرات الحرارية والفقيرة في الفيتامينات والعناصر الهامة للجسم ، والتي ثبت أن تعويضها في شكل قرص لا يماثل أبدا تناولها بشكل طبيعي من مصادرها الطبيعية ، وأصبح الناس عرضة لنوعيات أخرى من المشاكل الصحية الناتجة عن زيادة أستهلاك فيتامينات مثل A , D والتي أصبحت الكثير من الشركات تضيفها لمنتجاتها كنوع من أنواع الجذب للمستهلكين. وأرتفعت معدلات الإصابة بالسمنة والسكر والضغط وأمراض القلب بشكل غير مسبوق.
وأعتقد أن الحياة الإجتماعية هي أكثر ما تضرر من التطور التكنولوجي الحديث فوسائل الإتصال زادتنا بعدا وفرقة ووَحدة وأصبح الكثير من الناس يكتفي برسالة مختصرة من عدة كلمات يرسلها بهاتفه المحمول أو ببريده الإلكتروني ليقول للأعزاء أنهم مازالوا في الذاكرة وأنه مازال على قيد الحياة.
حتى أن بعض العائلات قد تعيش تحت سقف واحد ولكنهم غير أمنين من تسرب مشاعر الوحدة والجفاء إلى حياتهم ، والإنسان
-وكما يقول علماء الإجتماع- هو كائن إجتماعي ، والشعور بالوحدة يزيد من الأفكار السلبية ويغير سلوكه وقد يصاب بالإكتئاب والذي أصبح مرض العصر بمعنى الكلمة.

هل مازالت الأعياد تشعرنا بالفرح والدفئ والسعادة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق