الجمعة، 6 يناير 2012

في سبيل الكرسي

عندما يطول بقاء انسان في السلطة، ويجد نفسه محاطا بجوقة من المنتفعين والمتملقين يزينون له سوء عمله فيراه حسنا، ويمتلك كل وسائل التأثير والقوة من اعلام وجند مسلحين مسخرين لخدمته وحمايته هو ومن سار في ركبه، يكون من المفهوم والمنطقي ما يطرأ على تركيبته النفسية ومبادئه من تغيرات، في حالة كان يملك مبادئ ونفس قويمة من حيث المبتدأ. 

ولكن ما ليس مفهوما بالمرة ويجعلنا نتوقف كثيرا عنده ، أن يصاب بأعراض تغير المبادئ واختلال القيم والأولويات أشخاص مشهود لهم بالصلاح قضوا عمرهم في كفاح مستميت ضد الظلم وعانوا من التسلط والقهر لعقود، لمجرد أن لاح لهم في الأفق بريق مقاعد السلطة فينسون ماذا جاء بهم الى هنا ومن الذي دفعهم وأوصلهم ليكونون على هذه المسافة الدنيا من الكرسي الملعون. 

فنجد الوعود والعهود قد أُخلفت، وبدأت السرية تحيط بأفعالهم فتغيب الشفافية ويصبح هناك جدار بينهم وبين عامة الشعب الذي دفعهم لثقته بهم واعتقاده في جدارتهم وقوة ايمانهم بمبادئهم، ويبدأون في استخدام اسلحة التبرير والتخويف والمماطلة والممالئة، فيتحولون لنسخة مطابقة لمن كانوا بالأمس ألد أعدائهم والذين كانوا يعيبون عليهم افعال اصبحوا يقترفونها هم مستخدمين كل الحجج والذرائع لتبريرها متخطين في مسيرتهم نحو الكرسي الحقوق والواجبات وحتى النصوص الشرعية التي نصبوا أنفسهم حماة عليها ورعاة لها. 

كثيرا من الأسماء اللامعة ذات الشعبية الطاغية سقطت في فخ الكرسي الملعون، وقليلا هم من نجوا من زيفه وخداعه وخرجوا منه كما دخلوه. 

وقد شهدت الشهور التي تلت الثورة في مصر سقوطاً مدوي لسلسة من الأسماء التي لطالما حازت على درجة من الرضى والقبول لدى الشعب. 

فالإختبار الحقيقي للرجل يكون بتوليته سُلطة لمعرفة هل سيطبٌق عمليا ما يعتنقه من مبادئ وقناعات عندما تتاح له الفرصة لذلك، أم أنه سيضرب بمبادئه عرض الحائط ويلهث مع اللاهثين مضيعا تاريخه وأمانته ونفسه. 

حتى الأن ....... لم ينجح أحد في اجتياز الاختبار، البعض سقط سقوطا مدويا، والبعض قدم درجة من التنازل والبعض مازال محتفظا بمبادئه ولكنه بعيدا جدا عن الكرسي.

لن تنجح الثورة الا عندما يعتلي المناصب أشخاص لا يعرفون المساومات، ولائهم الأول للمبادئ ويعملون لصالح الشعب الذي حملهم لمقاعدهم. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق