الأحد، 25 مارس 2012

مسرحيات هابطة

العلاقة بين اهل السياسة وأهل الفن التمثيلي والترفيهي علاقة قديمة ومعروفة، وكثيرا ما تكشف الاحداث عن قصص وحكايات لزيجات وارتباطات تمت او تتم بين هؤلاء وهؤلاء حتى لم يعد الأمر مستغربا أو مثيرا للانتباه، وليس مستغربا أن تحاول احدى الفنانات التي انحسرت عنها الأضواء وخفُت نجمها آستخدام ما لديها من أسرار وعلاقات سابقة لضمان عيش حياة كريمة تتجنب فيها الفاقة والعوز، وليس مستغربا أيضا ان تتعرض بعضهن لحوادث اعتداء قد تصل حد التصفية الجسدية اذا خرجت عن النطاق وقررت تحدي من بيدهم السلطة.

ليس مستغربا - وان كان مثيرا للسخرية- أن تدعٌم بعض الفنانات المشتهرات بأدوار الاثارة التيار الاسلامي او تعلن إحداهن آنتمائها لأحد جماعات الاسلام السياسي سرا خوفا من بطش النظام السابق بعد أن أصبح هؤلاء أغلبية برلمانية، أو تقوم راقصة بالإعلان عن طلبها الانفصال عن زوجها النائب السلفي صاحب أشهر أنف في التاريخ الحديث.

فالسياسة في هذا العصر أصبحت غير بعيدة عن كونها احد انواع الفن التمثيلي، وكما أن الفن التمثيلي فيه الراقي والهابط والمسف، ففنون السياسة أيضا فيها ما هو راقي وهابط ومسف.

وليس أشد إسفافا من مسرحية المعونة التي تم تمثيلها بشكل غير احترافي ولا محبوك وشارك فيها عدد لا بأس به من دعائم نظام مبارك الذين ثبتوا أقدامهم وعادوا يطلون علينا بوجوههم الممقوتة والمعروفه بتبعيتها الكاملة للإدارة الأمريكية، رافعين سيوفهم الخشبية منادين بوقف المعونات والاستقلال التام عن أمريكا، ثم يستعينون بأحد دعائم نظامهم الذي مازال قائما وهو رجل الدين الأكثر قبولا ونجم الفضائيات الذي وضعوه فوق النقد وجعلوا مناقشته أو سؤاله جريمة لا تغتفر في حق الشرع والدين قد تخرجك من دينك وتنفي عنك إيمانك.

وفجأة وفي ذروة انهماك الأبطال بأداء أدوارهم أُسدل الستار وسكتت الأصوات وأنصرف الممثلين والمخرج وباقي طاقم العمل تاركين المتفرجين في حالة من الذهول لا يدرون ما الذي حدث فعليا خلف الكواليس وأين من كانوا يملئون الدنيا صراخا منذ لحظات!

ولأن التمثيل شعار المرحلة، ولا يجب أن يظل المسرح فارغاً لوقت طويل حتى لا يستيقظ النائم ويفيق المذهول، بسرعة البرق أعتلى خشبة المسرح ممثلون أخرون وبدأوا في مسرحية جديدة، أبطالها هذه المرة هم من خانوا مبادئ الثورة وأعتلوا كراسيهم فوق جثث ضحاياها وشهداؤها ، وخالفوا على طول الخط كل ما طالبت به القوى الثورية وقبعوا مع النظام الفاسد في خندق واحد لم يجرؤوا على الاشارة بإصبع لهم حتى في اقسى وأفدح الجرائم والانتهاكات التي تمت ضد الشعب وضد الثوار، فكل شئ كان لديهم مبررا وكل شئ يهون في سبيل الكرسي.

هذا الكرسي المزعزع الذي اصبحوا وأمسوا مهددين بالسقوط من عليه في أي لحظة بل أنهم يعلمون تمام العلم أنه لا قيمة له ولا فائدة ولا يسمح لهم باتخاذ أي قرار لا يرضي سادتهم أو مناقشة أمور خارج النص المُعطى لهم.  

هؤلاء الذين أيدوا حكومة الجنزوري بالرغم من الرفض الشعبي لها وانتمائها بالكامل لنظام مبارك، هؤلاء الذين اضفوا الشرعية على كل القرارات المعيبة والتي تخالف الصالح العام، قاموا فجأة – وعلى غرار مسرحية المعونة – بإعلان الحرب على الحكومة والمجلس وهددوا بالتصعيد والثورة والحشد الشعبي ما لم يتم الاستجابة لهم واقالة الحكومة الحالية ليقوموا بتشكيل الحكومة بكوادرهم المنتمية لجماعتهم.

وينتظرون الأن من الشارع الدعم والمؤازرة !!

 لقد فقدتم ثقة الشارع ولم يعد لكم وجود في حساباته، فانتمائكم الأول والأخير للجماعة ومصلحة الجماعة. أما نحن فقد سئمنا من المسرحيات والادعاءات ولم يعد لدينا طاقة على تحمل المزيد من العبث والأكاذيب، ولا نحسب الا أن الأمر لا يتعدى مسرحية جديدة للمزيد من المساوامات والإتفاقات على شعب يقضي بعض أفراده نحبه في سبيل رغيف من الخبز أو انبوبة غاز.