يعرف الجنون بأنه إضطراب يمس وظائف الذهن ويؤدي لفقدان التوازن النفسي ويتسبب للمريض في عجز عن إدراك الحدود بين المعقول واللامعقول ويعوق قدرته على الإتصال بمحيطه والتواصل مع مجتمعه.
في حياتنا اليومية نتعرض لأنماط متنوعة من البشر يجعلنا البعض نكاد نقسم على عدم إتزانهم أو منطقية أفعالهم ، فهل كل من خرج عن النسق العام هو مجنون؟
يؤكد الطب النفسي وجود العديد من الشخصيات والتي تتصرف بأسلوب قد يبدو جنوني وغير معقول بالنسبة للأخرين ولكن الطب النفسي يرفض تصنيفهم كمرضى عقليين وإنما يضعهم تحت قائمة ما يعرف بالشخصيات المضطربة.
وهم يمثلون نسبة كبيرة من البشر لا يمكنهم التأقلم والتواصل مع الأخرين أو الإستجابة للمؤثرات المحيطة بشكل منطقي ، وقد تم تقسيمهم إلى عشرة أنماط في ثلاث مجموعات مجموعة A للشخصيات الفصامية ومجموعة B للشخصيات الغير إجتماعية ومجموعة C للشخصيات المتشككة .
وهنا بعض النماذج الأكثر إنتشارا:
- الشخصية الهستيرية:
وهي شخصية تميل إلى التهويل والمبالغة في إنفعالاتها وتهتم جدا بلفت الأنظار وتعتمد بشكل كبير على جاذبيتها الجسدية وتحتاج دائما لكلمات المديح والثناء وتشعر بالإهانة في حالة لم تتركز عليها الأنظار، شخصية أنانية تهدف للإشباع الفوري تستغل الأخرين ولا تتعاطف مع مشاكلهم وتشعر أنها تستحق ما لا يستحقه الأخرون، لا تتحمل الروتين وتكون صداقات سطحية سريعة والتي سرعان ما تنتهي لعدم وجود أرضية من المشاعر الصادقة والإهتمام المتبادل ، وهي شخصية شديدة الحساسية وقد تلعب بلا شعور دور الضحية.
- الشخصية المرعوبة أو المرتابة:
وهي دائمة التشكك في نوايا الأخرين وتشعر أن جميع من حولها يحاولون خداعها وإستغلالها وأن الأخرين غير جديرين بالثقة وأن أي معلومات يعرفها الأخرون عنها سيستغلونها ضدها وأن هناك دائما معاني خفية تكمن وراء الكلمات التي يقولها الأخرون وحتى أن هذه الشخصية تتشكك في إخلاص شريك أو شريكة الحياة.
- الشخصية الفصامية:
هي شخصيات باردة لامبالية ولا تستطيع التعبير عن عواطفها ، ليس لديها صداقات ولا تهتم بما يدور حولها ، يعتقدون في وجود قوى خفية ورسائل خفية موجهة لهم في الأخبار العامة ، يشعرون دائما بالقلق ، وغير ناجحون مهنيا أو إجتماعيا.
- الشخصية الوسواسية:
شخصية تتطلع للكمال بشكل يجعلها قد تنسي الهدف الرئيسي من العمل والإستغراق التام في التفاصيل والتفرعات حتى يستحيل عليها إتمام هذا العمل نظرا للمعايير اللامعقولة التي تحاول فرضها على نفسها وعلى الأخرين ، وهي شخصية تتفانى في العمل وتتمتع بضمير حي ولكنها تفتقد لصفات مثل الكرم والقدرة على التعبير عن المشاعر للأخرين ، كما أنه يصعب عليه جدا إتخاذ مواقف أو قرارات مصيرية.
- الشخصية الحدٌية:
وهي شخصية متطرفة تنقلب من النقيض إلى النقيض في خلال فترات قصيرة تمتد على مدار اليوم ، وهي تتراوح بين المثالية الزائدة إلى سلوك مسلك مدمر للذات كالإفراط في تعاطي المخدرات أو التبذير أو السرقة أو القيادة المتهورة.
مزاجه متقلب يثور بشكل غير متناسب مع الموقف ، كثير الشجار، دائم الشعور بالملل والفراغ ، وكثيراً ما يهدد بالإنتحار.
- الشخصية الإنطوائية:
هي شخصية خجولة شديدة الحساسية تشعر بالنقص وعدم الإستحقاق وتفتقد للثقة بالنفس ، وبالرغم من أنها تتمني الإختلاط بالأخرين إلا أن الخوف يعوقها عن تكوين علاقات طبيعية.
- الشخصية الإعتمادية:
وهي تميل للإرتبط بالأخرين والإعتماد عليهم ، وبينما يسعى الإنسان دائما للإستقلال والحرية ، تميل هذه الشخصية لأن تكون تابعة ، وتتميز هذه الشخصية بعدم القدرة على إتخاذ قرار منفرد وتترك للأخرين مسؤولية توجيه حياتها وخاصة في المراحل الحرجة ، لا يمكنها الإعتراض على قرارات الأخرين ، ينقصها الثقة بالنفس ، وعند خروجها من علاقة تسارع بالدخول في علاقة أخرى حتى تشعر بالأمان.
- الشخصية النرجسية:
هي شخصية منغلقة على ذاتها تميل لتفخيم نفسها وإنجازاتها ، تستغرق في خيالات وأوهام عن جمال وعظمة وقوة وتألق لا يتناسب مع الحقيقة، وتطلب من الأخرين أن يروها ويعاملوها على هذا الأساس، وتعتقد أن مشكلاتها وأفكارها تستعصي على الفهم إلا من قبل أعداد محدودة من الناس.
- الشخصية السيكوباتية:
هي شخصية ليس لديها شعور بالولاء وتفتقد للقيم والمبادئ ، عذبة الكلام ، تعطي الكثير من الوعود الغير قابلة للتنفيذ ، مخادعة ، محتالة ، لا تعترف بالقوانين ولا تهتم بالتقاليد. لا تعرف المشاعر ولكنها بارعة في الإيقاع بالأخرين.
معظم هذه الشخصيات عانى أصحابها من مشكلات وخلل في نشأتهم نتج عنها إنسان يفتقد الكثير من المقومات التي تجعله فرد منتج متوافق مع مجتمعه .
وأعداد المصابين بإضطرابات الشخصية في ازدياد مطرد بسبب المشكلات الإجتماعية والإقتصادية وتدني القيم والمبادئ.
هل يمكنك الأن أن تعرف الفرق بين العاقل والمجنون؟